کد مطلب:240967 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:127

السخاء شجرة فی الجنة أغصانها فی الدنیا
روی الصدوق بإسناده عن الحسن بن علی الوشا قال سمعت أباالحسن علیه السلام یقول: «السخی قریب من الله قریب من الجنة قریب من الناس بعید من النار، و البخیل بعید من الجنة بعید من الناس قریب من النار! و سمعته یقول: السخاء شجرة فی الجنة أغصانها فی الدنیا من تعلق بغصن من أغصانها دخل الجنة» [1] .

هل الكلام الرضوی كنایة و تمثیل لملكة السخاء بشجرة ذات أغصان أصلها ثابت نفی مكان و فروعها فی مكان آخر و أن المتعلق بفرع منها موصول بأصلها متنعم بخیراتها و أثمارها فكذلك الإنسان السخی المأمول فضله المبذول نواله فی هذه الدنیا بجد جزاءه فی الآخرة و لیس ذلك إلا الجنة؟

أو أن السخاء هی الخصلة الحمیدة المسماة بها كبقیه الخصال المرضیة من العفة و الشجاعة و الحلم و ما ضاهاها متجسدة بصورة شجرة ذات أغصان أصلها فی الجنة و فروعها فی الدنیا لایراها أهلها بأعینهم الظاهریة المغطاة علیها عن الحقائق كما لایرون سائر الصفات بصورها الملكوتیة الواقعیة و عوالمها المثالیة البرزخیة و إنما یرونها إذا ماتوا و خرجوا عن الدنیا و الطبیعة قهرا أو اختیارا بالمجاهدة و الریاضات الشرعیة و هی الموت الاختیاری و قد نطق القرآن الكریم و أحادیث أهل البیت علیهم السلام بذلك قال تعالی: «فكشفنا عنك غطاءك فبصرك الیوم حدید». [2] و لاغطاء سوی الانهماك فی المحسوسات و الغفلة عن الحقائق، وحدة البصر نفوذه فیها لزوال الحجب و الأغطیة إذا خلص العبد من النفس الأمارة و النفس الفاجرة و النفس اللوامة بعد ركوب موجبها و تحلی بالنفس المطمئنة كشف الغطاء عن بصره و فی قوله تعالی: «یأیتها النفس المطمئنة - ارجعی إلی ربك راضیة مرضیة - فادخلی فی عبادی - وادخلی جنتی». [3] .

(و من أظهر مظاهره الحسین علیه السلام و من ثم أول به) [4] إشارة إلیه إذ الإذن



[ صفحه 288]



بالرجوع إلی الله لیس للأعمی الوجهان محتملان.

و إنما تعرضنا لهذا البحث لمناسبة السخاء الحقیقی المتحقق فی العبد المجاهد للنفس الفائز بموهبة الیقین و الراجع إلی ربه راضیا مرضیا فدخل فی عباده و جنته و هل للسخاء حقیقة إلا هذه؟ إذ الجود بالنفس و النفیس فی سبیل الله هو غایة الجود و السخاء و من هنا كان الأئمة علیهم السلام هم أهل الجود و السخاء حقا و صدقا لأنهم جادوا بأنفسهم فی الله عزوجل و عنهم یؤخذ السخاء و بذل العطاء، عادتهم الإحسان و سجیتهم الكرم.

فلئن كان الرضا علیه السلام یحث علی السخاء فإنه القدوة فی ذلك كیف لاو هو الإمام الرؤف العطوف، یعطف علی الرعیة و من نظر إلی ما روی عنه علیه السلام أیقن بذلك و تمنی لقاءه و أحبه حبا یحدث عنه القلب فیقول:



فرضی و نفلی و حدیثی أنتم

و كل كلی منكم و عنكم



خیالكم نصب لعینی أبدا

و حبكم فی خاطری مخیم [5] .



[ صفحه 289]




[1] عيون الأخبار الرضا 11:2.

[2] ق: 22.

[3] الفجر: 30 - 27.

[4] تفسير الصافي 818:2.

[5] لرجب البرسي المتوفي 813، في أواخر كتابه مشارق أنوار اليقين في أسرار أميرالمؤمنين عليه السلام، من منشورات الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان، الطبعة العاشرة ص 241. و فيها مجموعة من أشعاره.